خصائص البحث في الاتصال الدعوي في البيئة الرقمية دراسة تحليلية
- Post by: د. صليحة العابد
- يونيو 24, 2025
- 1 Comment
-
الملخص: إن الدراسات القرآنية والسنية من أشرف العلوم لتعلقهما بالوحي الشريف ولتضمنهما قيم الدين الإسلامي الصحيحة، واستيعابهما الطريق السوي الذي يضمن النجاة والسعادة في الدارين، وقد حث الإسلام على العلم في كل مجالات الحياة ولم يميز مجالا عن آخر بما أنه يعمل على إفادة الناس وتحقيق مصالحهم، وقد أثبتت الدراسة أن العلم لا قيمة له إذا لم يفعل، ولم يتماشى مع مصالح الناس، ولم يكن طرفا في تحقيق الخلافة في الأرض، كما انتهت الدراسة إلى أن العلوم المتعلقة بالوحي لا تكون فاعلة، ولا يتحقق المراد منها إلا إذا تكاملت مع بقية العلوم العملية المسيرة لحياة البشر.
-
Abstract: Qur’anic and Sunnah-based studies are among the most honorable sciences due to their association with divine revelation and their classification as foundational pillars of the Islamic religion. These sciences are esteemed for guiding individuals toward the righteous path that ensures success and happiness in both worlds. Islam has emphasized the pursuit of knowledge in all aspects of life, as it serves to benefit humanity and realize their interests. The study has demonstrated that knowledge holds no intrinsic value unless it functions to benefit people and fulfill their interests. Neither party-those concerned with worldly matters nor those focused on divine revelation-can achieve the intended purpose of knowledge unless it is integrated with the other. Moreover, the study concludes that knowledge related solely to revelation is ineffective and fails to accomplish its intended goals unless it is complemented by the other practical sciences that contribute to a complete and righteous way of life.
-
مقدمة: إن العلوم الإسلامية هي أشرف العلوم على الإطلاق، وذلك لأنها تنبني أساسا على الوحي الشريف بقسميه؛ فهي التي تعنى بتفسيره وإيصال معانيه للناس، ومن ثم تحقيق الخلافة في الأرض على الوجه الذي يريده الله تعالى. وهذا ما يظهر العلاقة الوطيدة بين العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية والاجتماعية؛ فالإسلام دين شامل لكل مجالات الحياة وهذا يقتضي أن تكون علومه شاملة لكل هذه المجالات ما تعلق منها بالجانب المادي أو المعنوي. ومن هنا يمكن طرح الإشكالية الآتية : ما هي حدود الخصوصية ومتطلبات التكامل بين الدراسات المتعلقة بالكتاب والسنة والعلوم الأخرى : الشرعية و الإنسانية والاجتماعية من منظور الوحي؟ وأريد من خلال هذا الملتقى عرض ورقة علمية متعلقة بالمحور الأول الموسوم ب: ماهية العلوم الإسلامية والاجتماعية والإنسانية، وقد عنونت المداخلة ب الدراسات القرآنية، والحديثية وعلاقتهما التكاملية مع بقية العلوم. وتكمن أهمية هذا الموضوع في أنه يعالج موضوعا واقعيا بالغ الأهمية، فلا يخفى على أحد مدى أهمية هذين العلمين لإعادة النهوض بالأمة الإسلامية وشهودها الحضاري باعتبارهما الممثلين الرئيسين للوحي الشريف وعزل الدراسات القرآنية والسنية عن بقية المجالات العلمية يؤدي إلى إعاقتهما، وإبعادهما عن معترك الحياة، ولن تكون بهذه الحيثية – أقصد العزل إلا علوما صورية، شكلية بعيدة عن واقع الناس بخلاف ما إذا تكاملت وتزاوجت مع بقية العلوم بمختلف مجالاتها. وقد تكونت المداخلة من العناصر الآتية: مقدمة، مكانة العلم في الإسلام، مميزات العلم من منظور الكتاب والسنة، التكامل بين الدراسات القرآنية والحديثية وبقية العلوم، نماذج تطبيقية في تكاملية هذين العلمين مع العلوم الأخرى: الخاتمة.
-
أولا: مكانة العلم في الإسلام: إن اول ايه انزلها الله من القرآن هي إقرا وهذا دليل على اهمية العلم في الإسلام ومكانته العاليه. وقد جعل الله مكانة العلماء عالية القدر وأشاد بهم حيث قال: ” إنما يخشى الله من عباده العلماء” فاطر: 28. وأعلى من شأنهم فقال: “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” الزمر: 9. “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” النحل 43. وقال أيضا: ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير” المجادلة: 11. وقد وصف الله تعالى العلم بالحكمة فقال: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۖ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) البقرة: 269. وقد أفاض القرآن الكريم في طلب التفكر والتدبر من المؤمنين وغيرهم في كثير من الآيات ، وهذا يدل على المكانة العالية للعلم في الإسلام. وروى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله». وروى البخاري أيضا عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها. وروى البخاري أيضا في صحيحه عن ابن عباس أنه قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهم علمه الكتاب». عن عثمان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه. عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : طلب العلم فريضة على كل مسلم “. عن أبي أمامة الباهلي، قال: ذكر الرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم».
-
ثانيا مميزات العلم من منظور الوحي: للعلم من منظور الوحي مميزات عديدة ذكر من ذلك:
-
الميزة الأولى: الإخلاص فيه الله تعالى: فقد أمر الله تعالى بالإخلاص في الاعمال وتوعد المرائين والمنافقين بأشد العذاب والإخلاص في العمل من أساسيات العقيدة الإسلامية، ومن متطلبات الإيمان الصادق فالله الكريم لا يقبل عمل المرائين، ويرده يوم القيامة عليهم قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام: 162]. وقال أيضا: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ) ( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هود : 15 16. وقال أيضا في حق أبي بكر الصديق إمام المخلصين، وقدوة الجميع في هذه الصفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم: ( وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِعْمَةٍ تُجْزَى { إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى الليل 19-20. كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا من الرياء ومن عاقبة من يطلب علما لا يخلص فيه النوايا الله ولدينه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جائية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال بلى يا رب قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله: بل أردت أن يقال: إن فلانا قارئ فقد قيل ذاك، ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال: بلى يا رب قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقول الله له في ماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جريء، فقد قيل ذاك ” ، ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة». وروى أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – : ” من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة” يعني ريحها “. وروى الترمذي في سننه عن ابن عمر ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “من طلب العلم ليماري به السفهاء، أو ليباهي به العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه، فهو في النار”. وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار.
-
الميزة الثانية: الإصلاح في الأرض وتحقيق الخلافة: فالهدف من العلم وطلبه هو توفير الحياة الطيبة وتحقيق الرفاهية للبشر ونشر العدل والإحسان والسعادة والطمأنية في حياة الناس، وهذا ما يسمى- حسب المصطلح القرآني بالخلافة في الأرض، وعمارتها على الوجه الذي أمر به الله تعالى. قال الله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)
-

Hi, this is a comment.
To get started with moderating, editing, and deleting comments, please visit the Comments screen in the dashboard.
Commenter avatars come from Gravatar.